الثامن والعشرون : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثاً ويقول : " إنه أروى وأمرأ وأبرأ "[62] . قال ابن القيم رحمه الله : الشراب في لسان الشارع وحملة الشرع : هو الماء ومعنى تنفسه في الشراب إبانته القدح عن فيه وتنفسه خارجه ثم يعود إلى الشراب كما جاء مصرحاً به في الحديث الآخر: " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في القدح ولكن ليبن الإناء عن فيه "[63]. وعن أبي المثنى الجهني أنه قال : كنت عند مروان بن الحكم فدخل عليه أبو سعيد الخدري فقال له مروان : أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النفخ في الشراب ، قال : فقال أبو سعيد : نعم ، قال : فقال له رجل : يا رسول الله إني لا أروى من نفس واحد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" فأبن القدح عن فيك ثم تنفس " قال : فإني أرى القذاة فيه قال :" فأهرقها "[64]. وعن ابن عباس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه[65]. وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ينفخ في الطعام والشراب .[66] إلا لحاجة فيجوز والله أعلم.
التاسع والعشرون : في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر – وفي لفظ نهى – عن الشرب قائماً[67] ، قيل لأنس : فالأكل ؟ قال : ذاك أشر وأخبث ، ولمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : فمن نسي فليستقيء [68]. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بزمزم فأتيته بدلو من ماء زمزم فشرب وهو قائم [69]. قال ابن القيم رحمه الله : وكان من هديه الشرب قاعداً ، هذا كان هديه المعتاد ، وصح عنه أنه نهى عن الشرب قائماً ، وصح عنه أنه أمر الذي شرب قائماً أن يستقيء ، وصح عنه أنه شرب قائماً [70]. وقال : والصحيح في هذه المسألة : النهي عن الشرب قائماً وجوازه لعذر يمنع من القعود [71]. قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله :
إذا رُمْتَ تَشْرَبْ فاقْعُـدْ تَفُزْ $$$ بِسُنَّةِ صَفْوَةِ أهلِ الحِجـــازْ
وقـد صَحَّحُـوا شُرْبَهُ قائِماً $$$ ولكنه لبيانِ الجــــــوازْ [72]
قال الحافظ في الفتح [73]: وسلك العلماء في ذلك مسالك ... وقد أشار الأثرم إلى ذلك أخيراً فقال : إن ثبتت الكراهة حملت على الإرشاد والتأديب لا على التحريم وبذلك جزم الطبري ، وأيده بأنه لو كان جائزاً ثم حرمه ، أو كان حراماً ثم جوزه ، لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بياناً واضحاً، فلما تعارضت الأخبار بذلك ، جمعنا بينها بهذا ".
الثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب من في السقاء [74] . قال ابن الأثير : السقاء : ظرف الماء من الجلد ويجمع على أسقية [75] .
الواحد والثلاثون : عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُتِيَ بشراب فشرب منه وعن يمينه غلامٌ ، وعن يساره الأشياخ ، فقال للغلام : " أتأذن لي أن أعطي هـؤلاء ؟" فقال الغلام : لا والله يا رسول الله ، لا أوثر بنصيبي منك أحداً ، قال : فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده "[76].
الثاني والثلاثون : عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصابهم عطش فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسقيهم ، فقيل : ألا تشرب يا رسول الله ؟ قال : "ساقي القوم آخرهم "[77]
الثالث والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أكل طعاماً ، فما تخلل[78] فليلفظ، ومالاك بلسانه فليبلع ، من فعل ذلك فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج "[79].
الرابع والثلاثون : عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من أكل طعاماً فقال : الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غفر له ما تقدم من ذنبه "[80]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى من العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ، ويشرب الشربة فيحمده عليها "[81]. وعنه صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وأطعمنا خيراً منه ، وإذا سقي لبناً فليقل : اللهم بارك لنا فيه ، وزدنا منه ، فإنه ليس شيء يجزي من الطعام والشراب ؛ إلا اللبن"[82].وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع العشاء من بين يديه قال : " الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا "[83]. وعن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشة قال : " الحمد لله أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم من لا كافي له ولا مؤوي"[84] . وقال : " الحمد لله الذي يطعِم ولا يطعَم ، مَنَّ علينا فهدانا ، وأطعمنا وسقانا ، وكل بلاءٍ حسن أبلانا ، الحمد لله الذي أطعَمَ الطعام ، وسقى من الشراب ، وكسا من العُري ، وهدى من الضلالة ، وبَصَّرَ من العمى، وفَضَّلَ على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً ، الحمد لله رب العالمين "[85] .
الخامس والثلاثون : عن أنس قال : كان إذا أفطر عند قوم قال : أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار ، وتنزلت عليكم الملائكة [86] . يقصد النبي صلى الله عليه وسلم . وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكل طعامكم الأبرار ، وأفطر عندكم الصائمون ، وصلت عليكم الملائكة "[87]. وقال صلى الله عليه وسلم : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله "[88]. وقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم بارك لهم فيما رزقتهم ، واغفر لهم وارحمهم "[89] .
السادس والثلاثون : عن سويد بن النعمان رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فلما كنا بالصهباء دعا بطعام ، فما أتي إلا بسويق ، فأكلنا فقام إلى الصلاة فتمضمض ومضمضنا [90]. وعن صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من بات وفي يده غمر[91] فأصابه شيء ، فلا يلومن إلا نفسه "[92] .
السابع والثلاثون : التسوك بعد الطعام : قال صلى الله عليه وسلم : " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب "[93]