السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدعاء من أعظم العبادات التي يتجلَّى فيها الإخلاص والخشوع, وهو المقياس الحقيقي للتوحيد,
ففي كلامٍ لشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: "إذا أردت أن تعرف صدق توحيدك فانظر في دعائك".
وهو سببٌ عظيم للفوز بالخيرات والبركات، وسببٌ لدفع المكروهات والشرورِ والكربات، وهو استعانة من عاجزٍ ضعيف بقويٍ قادر، واستغاثة من ملهوف بربٍ مُغيث ، وتوجه إلى مصرِّفِ الكون ومدبِّر الأمر، لِيُزيلَ عِلَّة، أو يَرْفَعَ مِحْنَة، أو يَكْشِفُ كُرْبَة، أو يُحَقِّقُ رجاءً أو رَغْبَة...
كم سمعنا عمَّن أُغلِقت في وجهه الأبواب، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، ثم طَـرَقَ باب مُسبب الأسباب، وألحّ على الله في الدعـاء، ورفع إليه الشكوى، وبكى بين يدي الرب الرحيم، فَفُتِحَتْ له الأبواب، وانفرج ما به من شِدّة وضيق.
أسباب إجابة الدعاء
قبل الدعاء ..
_ ترصَّد لدعائك الأوقات الشريفة وتخيّر وقت الطلب : كعشيَّة عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، وخاصَّة العشر الأواخر منه، وبالأخص ليلة القدر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وبين الأذان والإقامة ،وعند سماع صوت الديك ،وعند التحام الصفوف في القتال ، وعند نزول الغيث .
_ اشهد مجالس الذكر : فالله تعالى يستجيب دعاء من يشهدون مجالس الذكر ويغفر لهم ببركة جلوسهم
فيقول "أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم " ،
فيقول ملك من الملائكة :فيهم فلان ليس منهم وإنما جاء لحاجة ، "فيقول :هم القوم لا يشقى بهم جليسهم)
رواه الشيخان واحمد عن أبي هريرة
أختي الحبيبه : ارتدى ثياب الصالحين تُحسب منهم ،
وزاحم بمنكبيك مجالسهم،تُرحم بسببهم .
_ اعلم أن الله تعالى يستجيب للمضطر إذا دعاه ،وللمظلوم ولو كان فاجراً أو كافراً،ولمن يدعو لأخيه بظهر الغيب وللوالدين على ولدهما وللإمام العادل وللمسافر حتى يرجع وللمريض حتى يبرأ ،وللصائم حتى يفطر.
أثناء الدعاء
_ أخلص لله في دعائك ولا تدعُ إلا الله سبحانه،
_ أحسن الظن بالله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة،
فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" أخرجه الترمذي
_ لا تعتدي في الدعاء، والاعتداء هو كل سؤال يناقض حكمة الله،
أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به،
_ الحمد والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
: إذا دعوت الله تعالى
فلتبدأ أولا : بحمده والثناء عليه تبارك وتعالى
ثم بعدها : بالصلاة والسلام
على النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم ابدأ بعد ذلك في دعائك ومسألتك .
_ استقبل القبلة، واختر أحسن الألفاظ وأنبلها وأجمعها للمعاني وأبينها،
_ ارفع يديك وابسط كفيك،
_ اخفض صوتك في دعائك
_ أدع الله بأسمائه الحسنى
_ توسَّل إلى الله بأعمالك الصالحة التي وفقك الله إليها
_ كن عبداً ملحاحاً علي ربك سبحانه بتكرير ذكر ربوبيته،
_ ابدأ بنفسك، ثم ادعُ لإخوانك المسلمين، و خُص الوالدين،
وأهل الفضل من العلماء والصالحين، ومن في صلاحه
صلاح المسلمين.
بعد الدعاء
_ اصبر ولا تتعجَّل الإجابة
_ تُبْ إلى الله من كل المعاصي وأعلن الرجوع إلى الله تعالى
_ احرص على اللقمة الحلال
_ مُر بالمعروف وانه عن المنكر، فعن حذيفة رضي الله عنه
قال: قال صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر،
أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، فتدعونه
فلا يستجاب لكم"رواه الترمذي
_ قدَّم بين يدي دعائك عملاً صالحاً كصلاةٍ أو صيام أو صدقة
ألا ترى أخي أن الدعاء بعد الصلوات أرجى للإجابة .
لأنه وقع بعد عمل صالح ، فالدعاء يرفعه العمل الصالح ، قال تعالى :
(إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر10
أخيراً ..
أختي لا تظُنى أن دعواتك تخيب فإنه
قال صلى الله عليه وسلم : "ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يُعجِّل له في الدنيا،
وإما أن يدّخر له في الآخرة، وإما أن يُكّفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعاه ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم،
أو يستعجل يقول: دعوت ربي فما استجاب لي" صحيح الجامع